تفسير الاحلام بين الشريعة والدنيا

By | 18 أغسطس، 2019

أما بعد: عباد الله: إن الحياة في هذه الأيام تتكفؤ الناس عن اليمن وعن الشمال ويسرة، وقليل منهم الناجي، وما ينجو أحد منها إلا بتوفيق من الله وفضل.

وسقوط الناس في مهاوي تكفؤها يختلف بحسب سرعة الناس في تهاويهم في معتركها، حتى أصبح الناس يتلقفون كل ما يظنون به تفريجًا لهم أو كاشفًا عن المغيب عنهم.

وإن مما سقط فيه الناس بل جعلوه من اليقين الذي لا مرية فيه تلك الأحلام والرؤى حتى كثر المؤولون، بل أصبح الضغط عليهم، وسؤالهم أكثر من السؤال عن مهمات أمور الدين، وهذا نذير شم وبلاء.

أيها المؤمنون: لا بد من عرض مجمل عن موقف المسلم من هذه الرؤى والأحلام؛ حتى لا يضيع العبد في طرق الشيطان وأحابيله.

فمما ينبغي معرفته أن ما يراه العبد في منامه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: فرؤيا بشرى من الله، ورؤيا حديث النفس، ورؤيا تخويف من الشيطان.

كما جاء ذلك في جامع الترمذي من حديث أبي هريرة، فأما الرؤيا الصالحة فمن الله تعالى، وهي جزء من أجزاء النبوة، كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الرؤيا الصالحة جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة”.

تفسير الاحلام والدنيا

وهي من المبشرات للمؤمن؛ كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم : “أيها الناس! إنه لم يبقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرَى له”.

فإذا رأى المسلم ما يحب؛ فإنه يحمد الله، ولا يقصّها إلا على عالم أو ناصح؛ كما أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : “لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح”.

ومن السنة أن يفسرها كما أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : “إذا رأى أحدكم الرؤيا الحسنة فليفسرها وليخبر بها“، وأخرج البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: “مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا فَلْيَقُصَّهَا أَعْبُرْهَا”. ومن المواقع الهامة في تفسير الاحلام يوجد به الكثير من تعبير الرؤيا على المنهج الاسلامي
وإن من علامات الساعة صدق الرؤيا في آخر الزمان، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثًا؛ كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : “إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا الرجل المسلم تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا”.

أيها المؤمنون: دل هذا الحديث على أن الرؤيا قد تصدق وقد تكذب؛ فقد تكون رؤيا كاذبة. فمن صدق في حديثه؛ صدقت رؤياه، ومن كذب في حديثه كذبت رؤياه.

ومما ينبغي التنبيه عليه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقد أخرج البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي”.

فإن البعض يفهم هذا الحديث على غير وجهه، والمعنى الصحيح لهذا الحديث أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته التي وردت في السنة؛ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما من رأى شخصًا وقال: إنه الرسول، أو ظن أنه الرسول وهو على غير الصفات الواردة؛ فليس هذا بالرسول، كما أن رؤية الرسول في المنام لا تدل على فضيلة الرائي، ومن لم ير النبي في المنام فلا يدل على فساده أو ضعف إيمانه، ولكن لله حكمة في ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *